معبد "المتاعية" النبطي أو قصر "الإسكندر ذي القرنين"2009
تتربع بلدة "المتاعية" الأثرية في الجهة الجنوبية من منطقة "حوران"، جنوب الطريق الروماني الواصل بين "درعا" و"بصرى" بحوالي 5 كم، وجنوب شرق مدينة "درعا" بحوالي 25 كم وجنوب غرب "بصرى" بـ 12 كم، والشيء الملاحظ في هذه البلدة احتفاظها بالطابع القديم، والمميز بالبنية البازلتية القديمة المنتشرة في مختلف أرجاء البلدة وخاصة الجنوبية منها.
|
موقع eDaraa في 23/4/2009 زار مديرية الآثار والتقى مع مدير الآثار المهندس "حسين مشهداوي" الذي حدثنا عن الأهمية الأثرية للبلدة بالقول: «كانت هذه البلدة محط أنظار الرحالة والباحثين الذين قدموا لاستكشاف منطقة "حوران" خلال القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، وكان ممن زارها هو الألماني "غوتليب شوماخر"، حيث سماها "أم الجمال الصغرى" لتشابهها مع مدينة "أم الجمال" القريبة منها والواقعة في الأراضي الأردنية حالياً، حيث تحتوي هذه الأخيرة على 15 كنيسة بيزنطية ومعابد من العصر النبطي ومعابد وثنية أخرى، أما "المتاعية" فتحتوي على ست كنائس من العصر البيزنطي، ومعبد ضخم وهو من أروع الأبنية الأثرية في حوران، قال "شوماخر" عن معبد "المتاعية" بأنه كنيسة من العصر البيزنطي 1886 أما "بتلر" الذي جاء خلال الأعوام 1905-1909 بأنه المعبد – الجامع حيث أقر بأنه معبد يعود للعصر النبطي، أما "رينيه دوسو" الذي جاء خلال العشرينيات من القرن العشرين فلم يعطه أي تسمية، واكتفى برسم المبنى والزخارف فقط، لذا فلم يتم تحديد تاريخ عمارته من قبل جميع الباحثين الذين زاروه من قبل».
وعن أقسام وأبعاد المعبد يتابع مدير الآثار: «المبنى ذو شكل مستطيل ويبلغ المحور الأطول باتجاه شمال × جنوب حوالي 14 م،
|
الجهة الشمالية |
والمحور الأقصر غرب × شرق حوالي 9 م، الواجهة الرئيسية هي الواجهة الشرقية والتي أثارت الكثير من الجدل من حيث كثرة الزخارف والأشكال المنحوتة والأبواب، تحتوي على ثلاثة أبواب، الأوسط هو الأكبر بارتفاع 2,8 م وبعرض 1,6 م، مزين على الجانبين بدعامتين عليهما نقش زخرفي على شكل عنقود عنب، تعلو هذا الباب عتبتان فوق بعضهما البعض، بينهما شريط زخرفي، الأولى عليها شكل خيط منكسر متشابك "أرابيسك"، وضمن مربعاته توجد أربعة وجوه منحوتة بشكل دقيق ورائع، وأهمها رأس شخص له قرنان يقع إلى أقصى اليسار».
ويقول "المشهداوي": «وتبعاً لذلك فإن السكان الحاليين يسمون المبنى بقصر الإسكندر ذي القرنين، أما على أطراف هذه العتبة وفوق التاج الدوري ينتصب ساقان من نبات الأقنثة، ويعلو هذه العتبة إفريز عليه نموذج شكل البيضة والدبوس، وفوق هذه العتبة توجد عتبة أخرى منحوت عليها خمسة أقواس بشكل متقن جداً، وبداخل كل قوس يوجد مذبح بشكل نافر مختلف عن الآخر، على جانبي هذه العتبة توجد وردة سداسية الشكل، وفوق العتبة العليا توجد نافذة دائرية الشكل مؤطرة بشكل قولبة غائرة، وعلى جانبيها دعامتان بالشكل الأيوني، ولكنها الآن بشكل معكوس حيث إن التاج للأسفل والقاعدة للأعلى، أما المدخلان الجانبيان
|
صورة داخلية للمعبد تبين الاقواس |
فلهما دعامات خارجية بقواعد وتيجان، ولكن القواعد من جهة المدخل نحو الداخل مفقودة حالياً، كما يوجد الكثير من الزخارف والنقوش على الواجهة، وحول النوافذ والمذابح المتنوعة، وكذلك الورود النافرة وأكاليل الزهر على العتبات الموجودة فوق الأبواب الصغيرة».
ويشير "المشهداوي": «يوجد برج أو مئذنة في الزاوية الشمالية الشرقية بارتفاع حوالي 9 م، بينما كان هذا الارتفاع في بدايات القرن العشرين حوالي 13 م، وكانت توجد نافذة في الأعلى، وفي الجهة الجنوبية يوجد درج يؤدي إلى الجزء العلوي ومدخل صغير يؤدي إلى السطح، كما توجد فتحات مستطيلة لإيصال النور إلى الداخل من الجهة الشرقية جهة شروق الشمس، ويؤدي إلى المبنى درج ضخم يبلغ عرضه حوالي 13 م ويمتد على كامل واجهة المبنى من الجهة الشرقية، مؤلف من سبع درجات، على جانبيه يوجد أطاريف حجرية، في مقدمتها من الأسفل نسران فاتحا الجناحين».
ويختم مدير الآثار فيقول: «لا شك في أن للمبنى وظيفة دينية، ولكن تكمن المشكلة في تحديد هذه الوظيفة ولأي عصر تتبع، الراجح بأن المبنى هو معبد حيث يتشابه مع المعابد السورية وخاصة منها التي تعود للعصر الروماني أو النبطي، والتي تتميز بالطابع الزخرفي المترف ووفرة الزخارف ورشاقة المبنى وضخامته وارتفاعه،
|
مدير الاثار بدرعا |
فالدرج وشريط عنقود العنب تشابه تفاصيل معبد "بعل شمين" في موقع "سيع"، أيضاً أسلوب نحت الدرج الحجري والواجهة الشرقية بالمجمل موجودة في العديد من المعابد النبطية، حيث إن معبد "سيع" يؤرخ إلى الربع الثاني من القرن الثاني الميلادي، وهناك تشابه أيضاً بين معبد "المتاعية" ومبنى "القيصرية" في "شقا"، وأيضاً وجود النسر على واجهات المداخل معروفة جداً في الكثير من المعابد المؤرخة خلال القرن الأول قبل الميلاد».